نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
حجر الزاوية في مستقبل الطاقة, اليوم الاثنين 28 يوليو 2025 11:34 مساءً
في المشهد المتطور بسرعة لابتكار الطاقة، يبرز مفهوم تخزين الطاقة على نطاق المرافق كحجر زاوية بالغ الأهمية. فكما نتخيل اليوم مستقبلا تزدهر فيه مصادر الطاقة المتجددة المتقطعة، مثل الشمس والرياح، بفضل القدرة على تخزين طاقتها الفائضة وإطلاقها عند الحاجة. هذه ليست مجرد مسألة كفاءة؛ إنها ضرورة لشبكة طاقة مستقرة ومستدامة.
تخيل شبكة كهربائية حيث لا تضيع أي طاقة نظيفة. عندما تتألق الشمس في أوجها أو تهب الرياح بقوة، يمكن تخزين الطاقة الزائدة في «بطاريات» عملاقة أو أنظمة طاقة أخرى، بعد ذلك، في المساء عندما تغرب الشمس أو عندما تهدأ الرياح، يتم إطلاق هذه الطاقة المخزنة لتلبية الطلب. هذا هو الجوهر العملي لتخزين الطاقة على نطاق المرافق، وهو يمكن المصادر المتجددة من توفير كهرباء موثوقة ومستمرة، مما يقلل من اعتمادنا على الوقود الأحفوري.
تتجاوز براعة هذه الأنظمة مجرد تخزين الطاقة. إنها مصممة بدقة لضمان استقرار الشبكة. يمكنها الاستجابة في أجزاء من الثانية لتقلبات العرض والطلب، وتوفير طاقة احتياطية فورية، والمساعدة في إدارة الجهد والتردد، والحفاظ على تدفق ثابت للكهرباء. هذا التركيز على الكفاءة والاستجابة هو الذي يميز تخزين الطاقة على نطاق المرافق كحل هندسي ذكي، يمنع الطاقة الثمينة من الضياع ويضمن إمكانية تخزين كميات هائلة من الطاقة الكهربائية ونقلها بشكل فعال.
ليست هذه التطورات مجرد فضول مخبري؛ إنها القلب التكنولوجي لانتقال الطاقة العالمي. في المملكة العربية السعودية، نتخذ خطوات عملاقة في هذا المجال، تماشيا مع رؤية 2030 الطموحة. على سبيل المثال، يعد مشروع بيشة لتخزين الطاقة بالبطاريات (Bisha BESS) بقدرة 500 ميجاوات لمدة 4 ساعات / 2000 ميجاوات ساعة، أحد أكبر مشاريع تخزين الطاقة التشغيلية ذات الوحدة الواحدة في العالم، وهو يعزز البنية التحتية للطاقة المتجددة في المملكة. بالإضافة إلى ذلك، أطلقت الشركة السعودية للكهرباء (SEC) مؤخرا المرحلة الثانية من مشروع نظام تخزين الطاقة بالبطاريات (BESS) بطاقة إجمالية مخططة تبلغ 2.5 جيجاوات / 10 جيجاوات ساعة، موزعة على خمسة مواقع رئيسية: الرياض، القيصومة، الدوادمي، الجوف، ورابغ، مما يجعله أحد أكبر مشاريع تخزين الطاقة على نطاق الشبكة في العالم. ويهدف البرنامج الوطني للطاقة المتجددة في المملكة، تحت إشراف وزارة الطاقة، إلى تحقيق سعة تخزين تصل إلى 48 جيجاوات ساعة بحلول عام 2030، مع ترسية مشاريع بسعة 26 جيجاوات ساعة بالفعل في مراحل مختلفة من التطوير. هذه المشاريع هي المكونات الحيوية لشبكة كهربائية أكثر مرونة واستدامة. يمكننا النظر في هذا الأمر على أنه تحويل كوكبنا إلى مخزن طاقة ضخم، مما يسمح بسحب الطاقة النظيفة من قبل محطات التوزيع عند الحاجة، إلى جانب توفير الطاقة، تمتد رؤيتها إلى دعم الانتقال الشامل للطاقة، وتمكين كهربة النقل والصناعة.
اليوم، بينما نتمتع بالراحة الفورية للطاقة عند الطلب، فإننا مدينون بالكثير للاستكشاف المستمر والابتكار في مجال تخزين الطاقة. لا يزال السعي لتحقيق هذا الهدف، على الرغم من تحدياته، بمثابة شهادة قوية على عبقريته. إنه تذكير بأنه حتى لو لم يتحقق الهدف بشكل مباشر، فإن السعي وراءه يمكن أن يضع الأساس للابتكارات المستقبلية ويستمر في إلهام الأجيال القادمة نحو مستقبل طاقة أكثر كفاءة.