نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بيانات المدينة: الذهب الخفي في شوارعنا, اليوم الأحد 27 يوليو 2025 11:37 مساءً
قد لا تراها بالعين المجردة، لكنها موجودة في كل مكان. في حركة المشاة، في استهلاك الكهرباء، في توقيت صعود الحافلات، وحتى في نبرة صوتك حين تتصل بخدمة الطوارئ. نحن محاطون بثروة غير مرئية... بيانات المدينة.
البيانات ليست مجرد أرقام. هي رواية مكتوبة بلغات متعددة عن حياة المدينة. لكن مثل أي ذهب خام، لا تفيد إن لم تُكتشف، وتُصنّف، وتُصقل. والمدن الذكية تدرك اليوم أن البيانات هي وقود المستقبل الحضري.
في الماضي، كانت المدن تبنى بالإسمنت والحديد، واليوم تبنى بالبيانات والخوارزميات.منصة بيانات موحدة قد تفعل أكثر مما تفعله ميزانيات كبيرة إن تم استخدامها بشكل ذكي.
في المملكة العربية السعودية، ومع تسارع رؤية 2030 نحو التحول الرقمي، تعد البيانات أحد أعمدة التغيير، ورافعة استراتيجية لتمكين المدن الذكية.
المركز الوطني للبيانات المفتوحة، ومنصات مثل (بيان) و(راصد)، تمثل خطوة أولى نحو مدينة تفهم نفسها لتخدم سكانها بشكل أفضل.
كيف تصبح البيانات ذهبا حقيقيا في يد المدينة؟
أولا: جمع البيانات من المصادر الحية: الأجهزة الذكية في الطرق، العدادات الرقمية، الكاميرات، تطبيقات الهاتف... كلها مصادر حيوية. لكن الأهم أن تجمع البيانات بأمان، وباحترام للخصوصية، ووفق إطار حوكمة واضح.
ثانيا: تصنيفها وتحليلها: ليست كل البيانات متساوية. هناك بيانات وصفية، وأخرى لحظية، وثالثة تنبؤية. ذكاء المدينة يبدأ حين تميز بين هذه الأنواع، وتعرف متى تستخدم كل واحدة منها.
ثالثا: ربط البيانات باتخاذ القرار: ماذا لو علمت البلدية أن مستوى الضوضاء في حي ما تجاوز المسموح؟ أو أن هناك نمطا متكررا لتعطل الإنارة كل يوم خميس؟ هنا تتدخل البيانات لصنع قرار فوري، دقيق، مدعوم بالدلائل.
رابعا: إشراك المواطن في منظومة البيانات: المدينة الذكية لا تكتفي بجمع المعلومات من الأجهزة... بل تنصت لما يقوله سكانها. حين يستخدم المواطن تطبيق «بلدي» للإبلاغ عن حفرة، أو يشارك في تقييم خدمة، فإنه لا يقدم شكوى فحسب، بل يغذي منظومة البيانات بمعلومة حية ودقيقة.
المواطن هنا لم يعد مجرد مستخدم، بل شريك في بناء المعرفة الحضرية. ومتى ما تم تمكينه، يمكن للمدينة أن تتطور باستمرار وفقا لنبض أهلها، لا فقط بمعايير ثابتة من خلف المكاتب.
خامسا: استخدام البيانات للتخطيط الاستراتيجي: تستطيع البيانات أن تتوقع الضغط على المدارس بعد خمس سنوات، أو تحدد الحاجة لمراكز صحية بناء على التركيبة السكانية المتغيرة. إنها عدسة المستقبل بيد صانع القرار.
الذهب لا يقدر إلا إذا أدركنا قيمته. وكذلك البيانات.
أيها المسؤول، اسأل نفسك:
هل مدينتك تنصت لما تقوله بياناتها؟
هل لدينا في أماناتنا، ووزاراتنا، وهيئاتنا، من يترجم هذه الأرقام إلى سياسات تحسن حياة الناس؟
في ظل رؤية 2030، الفرصة ليست فقط في جمع البيانات، بل في تحويلها إلى قرارات تبني مدنا أذكى، وتخدم إنسانا أرقى.