نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
فشل الموارد البشرية في التعامل مع الركود الصيفي, اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025 08:31 صباحاً
من اللافت، حقيقة، ومن واقع ما يُرصد في بيئات العمل، أن إدارات الموارد البشرية في كثير من المؤسسات - التي أصبح للأسف، معولا في يد المناصب العليا ضد الموظفين - وبعضها أكاديمية ومرموقة، غائبة عن الوعي تماما، وبعضها لا يعلم بوجود المشكلة أصلا.
فمع حلول الصيف، يتباطأ النشاط، وتفرغ المكاتب تدريجيا، وتزداد معدلات الغياب والإجازات، وتقل الإنتاجية، ويغيب الحماس عن كثير من بيئات العمل، وهو ما يُعرف بـ»الركود الصيفي» وربما الأخطر من ذلك، أن إدارات الموارد البشرية تتعامل مع هذا الركود وكأنه ظاهرة حتمية لا يمكن تغييرها، وهذا في حالة أنها شعرت أن هناك شيئا ما «إن كنت لا تدري فتلك مصيبة، وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم»، وذلك بسبب ضعف السياسات الإدارية وضعف الكوادر القائمة على هذه الإدارات، التي لم تخرج بعد من عباءة «شؤون الموظفين» وسياسات القمع، والتجاهل، والتهميش.
ومن المفارقة العجيبة أن إدارات الموارد البشرية، بدلا من أن تكون صوت الموظف، وتمكينه من العمل، وتعزيز خبراته والاستفادة منها، وذراع التطوير والتحفيز، أصبحت في كثير من الأحيان أعضاء في عصابة مدير الإدارة أو المنشأة لطلب رضاه، ثم لمواجهة وتحجيم هذا الموظف المسكين، ومتابعة غيابه، وترصُّد تأخراته، وأساليب أخرى قسرية تحت اسم «الانضباط الوظيفي»، دون أن تعي أن الانضباط الحقيقي يبدأ من تحقيق الرضا النفسي والشغف المهني، لا من التأكد أن جهاز البصمة يعمل بشكل جيد كل صباح.
وبالرغم من أن الصيف يُعد فرصة لإعادة شحن الطاقات والتحفيز على الإنتاجية، إلا أن كثيرا من إدارات الموارد البشرية تتعامل مع هذه الفترة كعائق لا يمكن تجاوزه، مما يؤدي إلى انخفاض الإنتاجية وتراجع الرضا الوظيفي، متجاهلة تماما الأثر النفسي والمهني الذي يتركه هذا الركود على الموظفين.
حيث تؤكد الدراسات العلمية أن الركود الصيفي ظاهرة مؤثرة، وليست شعورا عابرا. فبحسب دراسة لشركة كابتيفيت الأمريكية عام 2022م، فإن الإنتاجية لدى الموظفين تنخفض بنسبة 20%، وتزداد حالات الغياب بـ19%، ويقل التفاعل في الاجتماعات إلى 45% عن المعدل المعتاد في الأيام الأخرى.
كما أظهرت هارفارد بزنس ريفيو أن ارتفاع درجات الحرارة يقلل التركيز بنسبة 23%، مما يزيد الأخطاء في العمل. ووفق استطلاع رأي لإحدى شركات الاستشارات الإدارية المشهورة «كورن فيري» عام 2023م، قالت إن 68% من الموظفين يتراجع أداؤهم في الفترات الصيفية من كل سنة، بسبب ضعف التحفيز والدعم والخطط المسبقة لمواجهة الركود الصيفي.
أما تقرير غالوب، فأشار إلى أن التفاعل الوظيفي ينخفض بنسبة 30% في الصيف، خاصة عند غياب المبادرات التحفيزية والتطويرية، وفي دراسة أخرى نشرها المعهد البريطاني للتنمية البشرية عام 2023م، وجد أن أكثر من 60% من الموظفين يشعرون بانخفاض في الإنتاجية والتركيز خلال فصل الصيف، خصوصا في الشركات التي تفتقر إلى بيئات عمل تفاعلية أو جداول مرنة.
هذه المؤشرات العلمية تؤكد أن الركود الصيفي لا يمكن تجاهله أو التقليل من أثره، بل ينبغي التعامل معه كظاهرة دورية تتطلب استجابات ذكية من إدارات الموارد البشرية وصنّاع القرار في بيئات العمل، وهو تحدٍّ إداري حقيقي يتطلب حلولا مرنة، وعاجلة، وواعية.
3OMRAL3MRI@