نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عندما تتحدث الشوارع... التقنية تبدأ من الحافة, اليوم الاثنين 11 أغسطس 2025 03:01 صباحاً
هل سبق أن تخيلت أن الشارع نفسه يتحدث؟ أن الرصيف يُبلغ عن تشققه، وأن إشارة المرور ترسل تنبيها لحالة ازدحام غير طبيعية، وأن الحاوية تطلب التفريغ قبل أن تمتلئ؟ هذا ليس خيالا... بل هو جوهر ما يعرف بالذكاء من الحافة - Edge Intelligence أحد أسرار المدن الذكية الحديثة.
لقد تغير مفهوم «التحكم» في المدينة. فبدلا من انتظار أن تجمع البيانات في مركز واحد لاتخاذ القرار، أصبحت الشوارع نفسها قادرة على التحليل اللحظي والتصرف الفوري.
ما الذي تعنيه التقنية عند الحافة؟
«الحافة» هنا ليست مكانا جغرافيا، بل هي أي نقطة تحدث فيها البيانات فورا، ويُتخذ فيها القرار محليا.حساسات في إشارات المرور، كاميرات مزودة بذكاء صناعي، عدادات كهرباء ذكية... كلها أدوات تشغل محليا دون حاجة إلى الرجوع للمركز دائما.
وهنا يكمن السحر: توفير الزمن، تقليل التكلفة، وزيادة الاستجابة.
في إحدى التجارب الرائدة بمدينة هلسنكي، تم تزويد مواقف السيارات بحساسات حافة قادرة على رصد حركة السيارات والتنبؤ بالازدحام. وبدلا من إبلاغ غرفة التحكم فقط، ترسل الحساسات إشارة مباشرة لتعديل الإشارة المرورية وتحويل المسار في اللحظة ذاتها.
وفي المملكة العربية السعودية، نشهد تطبيقات متقدمة لهذا المفهوم من خلال مشاريع المدن الذكية النموذجية، والمبادرات التي أطلقتها الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (SDAIA) بالشراكة مع البلديات.تجربة المدينة التنبؤية في نيوم تعد مثالا حيا على الذكاء من الحافة، حيث تعتمد البنية التحتية على حساسات وقرارات موزعة تبنى على تحليل آني للمشهد الحضري.
ما فوائد التقنية الحافّية؟
أولا: استجابة فورية: حين تتحرك البيانات حيث تحدث، يمكن للمدينة أن تتصرف في الثواني بدلا من الساعات.
ثانيا: تقليل الضغط على مراكز البيانات: التقنية الحافية تقلل من نقل البيانات الثقيلة إلى مراكز بعيدة، مما يحفظ الموارد.
ثالثا: دعم المدن الطرفية والقرى: الذكاء من الحافة يتيح نشر حلول ذكية خفيفة وفعالة حتى في المناطق التي لا تملك بنية رقمية متقدمة.
رابعا: أمان وخصوصية أعلى: بما أن المعالجة تتم محليا، تقل الحاجة لنقل البيانات الحساسة، مما يرفع من مستوى الأمان السيبراني.
المدينة الذكية لا تحتاج دائما إلى مركز تحكم ضخم بقدر ما تحتاج إلى شبكة من العقول الصغيرة الموزعة في الشوارع، والبنايات، والحيز العام.
أيها المخطط الحضري، اسأل نفسك: هل شوارع مدينتك «تتكلم»؟ وهل تمنح القدرة على التحليل والاستجابة دون انتظار إذن من الأعلى؟
في رؤية السعودية 2030، التحول الحضري ليس مركزيا فقط، بل لا مركزي، موزع، وتفاعلي.وحين تبدأ التقنية من الحافة... تبدأ المدينة بالتفكير بنفسها.