العقود وحماية حقوق الأسر المنتجة: قراءة في نظام المعاملات المدنية

العقود وحماية حقوق الأسر المنتجة: قراءة في نظام المعاملات المدنية
العقود وحماية حقوق الأسر المنتجة: قراءة في نظام المعاملات المدنية

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
العقود وحماية حقوق الأسر المنتجة: قراءة في نظام المعاملات المدنية, اليوم الاثنين 11 أغسطس 2025 03:01 صباحاً

تشكل الأسر المنتجة اليوم رافدا مهما من روافد الاقتصاد المحلي في المملكة العربية السعودية، حيث تسهم في توفير منتجات غذائية وحرفية وخدمات متنوعة، مستندة إلى جهود أفرادها وخبراتهم. ومع ازدياد نشاط هذه الأسر وانتقاله من التعاملات البسيطة إلى المعاملات المنظمة، أصبحت الحاجة ملحة لفهم الإطار القانوني الذي يحكم علاقاتها مع العملاء والموردين، خاصة في ظل صدور نظام المعاملات المدنية الذي يُعد المرجع الأساسي في تنظيم العقود والالتزامات المدنية.

أولا: التعرف على العقد، فقد عرف نظام المعاملات المدنية في المادة (52) العقد بأنه «ارتباط الإيجاب الصادر من أحد المتعاقدين بقبول الآخر على وجه يثبت أثره في المعقود عليه». وبالنسبة للأسر المنتجة، فإن أي اتفاق على بيع سلعة أو تقديم خدمة يدخل في نطاق هذا التعريف ولا يصح العقد إلا بتوافر أركانه الثلاثة:

1 - الرضا: اتفاق الطرفين على محل التعاقد دون إكراه أو غش.

2 - المحل: أن يكون المنتج أو الخدمة مباحا وممكنا.

3 - السبب: أن يكون الغرض من العقد مشروعا.

إهمال أي ركن من هذه الأركان قد يؤدي إلى بطلان العقد أو قابليته للإبطال، وهو ما قد يترتب عليه ضياع حق الأسرة المنتجة أو المستهلك.

ثانيا: التعرف على الالتزامات المتبادلة بين الأسرة المنتجة والعميل، ينص النظام في المادة (138) على أن «العاقدين يلتزمان بما ورد في العقد وما هو من مستلزماته وفقا لطبيعة الالتزام والعرف». وهذا يعني أن الأسرة المنتجة ملزمة بتسليم المنتج بالمواصفات المتفق عليها، وفي المواعيد المحددة، بينما يلتزم العميل بدفع المقابل في الوقت والطريقة المتفق عليهما.

كما تلزم المادة (141) البائع بضمان ما يوجد في المبيع من عيب خفي ينقص من قيمته أو منفعته. فإذا باعت الأسرة المنتجة منتجا غذائيا أو يدويا واتضح به عيب غير ظاهر عند التسليم، يكون للمشتري الحق في رد المبيع أو المطالبة بإنقاص الثمن أو التعويض.

ثالثا: التعرف والتوثيق كحماية قانونية رغم أن النظام يعترف بالعقود الشفهية، إلا أن المادة (52/2) من نظام الإثبات (المرتبط ارتباطا وثيقا بنظام المعاملات المدنية) تؤكد أن الكتابة أقوى وسائل الإثبات. في واقع الأسر المنتجة، التوثيق قد يكون عبر عقود مكتوبة، أو رسائل موثقة عبر وسائل الاتصال، أو فواتير الكترونية.هذه الخطوة البسيطة تحمي الأسرة من النزاع، وتمكنها من إثبات حقوقها أمام القضاء أو الجهات المختصة.

رابعا: حالات واقعية

حالة أولى: أسرة منتجة اتفقت مع شركة تنظيم فعاليات على تزويدها بأطباق ضيافة لثلاثة أيام متتالية، مقابل مبلغ محدد. تم الاتفاق شفهيا دون عقد مكتوب. في اليوم الثالث، ألغت الشركة الطلب بحجة ضعف الإقبال على الحفل، ورفضت دفع كامل المبلغ. عند اللجوء للقضاء، كان إثبات الكميات المتفق عليها صعبا لغياب التوثيق، وحصلت الأسرة على جزء من مستحقاتها فقط.

حالة ثانية: أسرة أخرى باعت كميات من المخبوزات لمقهى محلي، وبعد يومين شكا المقهى من فساد جزء منها. تبين بالفحص أن التخزين في المقهى كان غير ملائم، لكن لغياب شرط واضح في العقد عن مسؤولية التخزين بعد التسليم، تحملت الأسرة جزءا من الخسارة. هذه الحالة تؤكد أهمية تضمين العقود بنودا دقيقة تحدد نطاق المسؤولية.

وعلى ذلك: يقرر النظام في المادة (159) أن المتضرر من الإخلال بالعقد يستحق تعويضا عن الضرر المباشر المتوقع وقت التعاقد. فإذا تأخر العميل في دفع مستحقات الأسرة المنتجة أو أخل بالاستلام، يحق للأسرة المطالبة بالتعويض عن الخسائر التي لحقت بها، بشرط إثبات العلاقة السببية بين الإخلال والضرر.

ختاما، إن العقود ليست ترفا إداريا، بل هي صمام أمان يحفظ حقوق الأسر المنتجة ويعزز ثقة العملاء بها. ونظام المعاملات المدنية وفر إطارا متينا لهذه الحماية، لكن يبقى التزام الأسرة بالتوثيق، وتحديد الالتزامات بدقة، هو الضمانة الحقيقية لاستمرار النشاط بأمان.فالبركة الحقيقية في التجارة لا تتحقق فقط بحسن النية، بل بحسن الإدارة، وحسن الالتزام بما يوجبه النظام.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق حبل غسيل مناديل الدم المسفوك
التالى قراءة في مشهد دولي متغير